أحياناً وعندما تتغير المفاهيم والأوضاع وتتحدد معالم ثقافة جديدة تلقي بظلالها على واقع المجتمع قد يحاول المجتمع هنا البحث عن وضع إطروحات جديدة ربما تكون إشارة الى فترة أو حقبة يرى انها لم تقدم أو حتى ان تحاول ان تلغي الفوارق الإجتماعية ، يرى الفرد بطبعه ان التمايز والفوارق الإجتماعية (وهي إقتصادية في المقام الأول) تبرز دور الطبقية الذي يحاول الفرد اما ان يطوعها لصالحه كالطبقة الأرستقراطية أو ان يسعى الى إذابتها كما تذهب الى ذلك الطبقة البروليتارية ، قد يكون الفكر هنا غير مكتمل الجوانب خاصة عند تطبيقه ، على سبيل تمثيل هذا الواقع على المأثور الإجتماعي تبرز هنا الحكايات الحاملة لفكر المجتمع وتطلعاته ، كما تبرر الأفعال والسلوكيات وتعيد صياغتها وفق هواها وتطلعاتها وأمانيها ، يبقى التغير في السلوكيات الإجتماعية مرتهن في كثير من الأحيان بالناحية الإقتصادية ، وقد يتأثر بالمعتقدات والثقافات بنسب متفاوته .


----------------------------------------------------------


ألدودحية *




على مشارف تلة عشق إلتقيا، تجول في قلبيهما أماني جمة، جميلة، حالمة، تسابق نسيم الشوق وعواصف الفرقة، كخرير جدول ماء ينساب حولهما وطيور حب تغرد في جنبات الوادي فتخلق منه جواً حالماً، تتشابك الأيادي وتتعانق القلوب، هنا أحب حمود زينب إبنة الدودحي، ذلك الغني الوجيه الذي ملأت مواشيه وديان بنا وأمتدت على مساحةٍ شاسعةٍ أراضيه الزراعية، حمود ذلك الفقير المعدم، يملك عشقاً و حبا جارفاً لزينبً، تقف عادات المجتمع دون أن يتزوج من محبوبته، يقف أباها المترف حائلاً دون هذا الحب.


على الغدير تتخاطب العيون، عيون عشق جارف، يلتحم الجسد و يتوهج العشق، يتلمس برود الشفاه مع بزوغ فجر الحرمان، تنمو بذرة الحب، يتهامس أبناء الوادي (ألدودحية حامل)، يصل الخبر إلى قاضي المقاطعة ويأتي الحكم بقتلهما.

على سهول ووديان وطرقات بنا يطاف بعاشقان صُبغ وجهيهما بالقطران وشدت على ظهريهما الطبول، يمر الموكب، يرجمهما المجتمع، يفارقان الحياة ويموت العشق على شفاه الطل والندى، تتعانق قلوب العشاق بين العار والشتيمة والحسد .....

يصرخ وادي بنا (أنا يا بوي أنا )
يتردد في اليمن هذا النداء، فتنطلق الوديان والسهول والجبال والسواحل تردد أهازيج الحب، تسقي بدموعها بساتين اليمن، تغني بصوت جماعي (خطر غصن القنا).

---------



| خطر غصن القنا |



كلمات الشاعر مطهر بن علي الأرياني |1|




خطر غصن القنا



وارد على الما


نزل وادي بنا


ومر جنبي..وباجفانه رنا


نحوي وصوب سهامه واعتنى



وصاب قلبي



أنا يا بوي أنا


أمان يا نازل الوادي أمان..!




خذا قلبي وراح


وشق صدري بالاعيان الصحاح


ياطول همي


ويا طول النواح


من حب من حل هجري واستباح



قتلي وظلمي



أنا يا بوي أنا


أمان يا نازل الوادي أمان




لمه تقسى لمه


وتهجر ابصر حبيبك ما أرحمه


هايم بحبك


جمالك تيمه


وطول صدك وبعدك سمسمه



ما اشد قلبك



أنا يا بوي أنا


أمان يا نازل الوادي أمان



وذكرك في فمه


غنوه


وحبك جرى مجرى دمه


يحلم بقربك


ترفق وارحمه


لا تعدمه بالجفا شا تعدمه



والذنب ذنبك



أنا يا بوي أنا


أمان يا نازل الوادي أمان







* الدودحية:حادثة وقعت في أواخر ثلاثينيات القرن المنصرم في وادي بنا في اليمن، أحبت الفتاة ابن عمها، وحملت سفاحاُ، ثم أصدر بحقها حكم التعزير، وقضى بأن يجولوا بها المدن والأرياف، فيرجمها الناس، حتى تكون عبرة.

|1|
ولد الشاعر مطهر الأرياني عام 1933م في حصن اريان بلواء إب
تلقى المراحل الأولى من تعليمه في اليمن وكان أخوه الأكبر هو استاذه الأول
تلقى تعليمه الجامعي في القاهره حيث تخرج عام 1960م من كلية دار العلوم بجامعة القاهرة
عمل في التعليم والأعلام ومصلحة الأثار كما عمل طويلاً في السلك الدبلوماسي
خبير بالغة اليمنية القديمه بمقدار ما تسمح به النقوش وله منشورات من النقوش اليمنية القديمه ( المساند ) - له ديوان شعر بالعامية بعنوان : " فوق الجبل ، وعدد من الدراسات عن اليمن . وله دواوين في الشعر الفصيح ( العمودي )


...