Unconfigured Ad Widget

Collapse

ألـ م أم أمـ ل.. <قطعة نثرية>

Collapse
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
مسح الكل
new posts
  • الفنار
    عضو مميز
    • Sep 2003
    • 653

    ألـ م أم أمـ ل.. <قطعة نثرية>

    بين مراقي الآمال ومهاوي الآلام
    تسيرين أمتي على أحد جانبي الطريق
    فتنهشك أسواره؛ وتتعاورك أحجاره؛ وتجدين سيراً وأنت تحسبين ذاك تحفازاً؛ وسرعان ما تبدو الحقيقة؛ فإذا بك لاهثة على رصيف الأمم؛ تستجدين اللقمة كأنك لم تسيري ولو لخطوة..
    بين هذا وذاك..
    نبصرك أمتي على طرفي نقيض؛؛ فإما طرف العصا؛ أو طرفها الآخر؛ ولا تعرفين غير هذين مجالا...
    لا جرم أن لكل من الطرفين تبريره؛ وعلى كل من الجانبين مناديه؛ فإن آذى أسماعنا صوت الألم؛ فما جواب الصدى إلا ترنيمة الأمل..
    ولإن أنحل أجسامنا موج الألم؛ فما الزبد ينشره إلا مبشرات الأمل..
    ويحجب غيم الهوان عنا شعاع الفرج؛ فما يعقبه إلا غيث النصر المبين..
    وفي كل صورةٍ من صور الحياة؛ مهما تعمقت المأساة وتجذر الألم؛ فإنك لو تأملت لرأيت جانباً آخر من نور؛ يكشف عنه الزمان؛ مهما استطلناه...
    فما لي أرى الفئام من قومي نهجوا نهج النائحات؛ استعذبت آذانهم أنات الشجن؛ واستحلت أفواههم طعم الدموع؛ واستسهلت حلوقهم نبرات البؤس تقرع بها ضمائر الجموع..
    ترى أحدهم على المنبر تمثال أسى؛ ووجهٌ جعده الضنى؛ غاية قوله أن يرى دموع مستمعيه هاطلة؛ ونفوسهم خاشعة خاضعة؛ لوحةٌ تشكيلية؛ تبرز فيها ألوان الكربات والخطوب..
    وعلى النقيض،، تبرز لوحةٌ من الأحلام البهيجة، والأماني السعيدة، تتماوج فيها الوان التفاؤل صارخة..
    يقف خطيبهم فيشدو باليوم القادم؛ ويردد أغنية النصر الحاسم، دنيا الإسلام عندهم في سلام، وما تشهده الآن إلا سحابة صيف، يكفي أن نعلم أنها كذلك حتى نرى انقشاعها..
    غاية أمانيهم التغني بالمعجزات؛ والضرب على أوتار الكرامات، فالأمة لن تعدم صلاحاً آخر، والإسلام واصلٌ لكل بيت حجرٍ أو مدر، فما البكاء على بيضته إلا ضعف يقين؛ وانعدام إيمان..
    وبين هذا وذاك تمضي ارتالك أمتي، وتنطلق الجموع ماسكة بأحد الزمامين، فلا البكاء أجدى، ولا انتظار المعجزات أعطى..
    تسالون أي السبيلين أهدى؛ وأي النجدين تريدنا نسلكه؛ فأقول:
    أمتي يا شمعة الكون؛ أيتها البسمة الساطعة تحت منهل الدموع؛ كنت ما كنت فدالت الأيام؛ فما يجدي على الماضي البكاء؛ كما لا يجدي عبور نهر النصر إلى ضفة النعيم ولما ننصب جسر العمل بعد..
    بين املك وألمك أمتي خيط دقيق، وشعرةٌ كشعرة معاوية، إن مال ميزان الجذب لأحد الطرفين، قطعت صلتك بالآخر فسرت على غير هدى..
    فإن كان المقطوع هو سبيل الأمل، فبئس المتخبط في دروب ظلامٍ بلا شمعة نور، وهل يدرك مقصد سفره من أدلج بلا دليل؟!..
    ستظل بلا أملٍ كمن ينتظر إطلالة نهاره فلما بزغت شمسه واراها ثوب الكسوف، وكيف تبلغ الغاية والمحجة ودونهما نفسك المظلمة بالقنوط؟ تسربلت بأثواب الدموع؛ وتلفعت بمزق البؤس والضنى؛ فأنا لنور النصر أن يبلغ عينيك؛ وتغريد الفوز أن يداعب أذنيك؟!...
    أن تعيش لقصص المآسي تغنيها؛ ودماء الضحايا تجففها؛ ملقياً نظرك لما بين قدميك من ضنك؛ تدور بك ساقية الآهات؛ فتظل تراوح في ذات المسير؛لا شوطاً قطعت ولا ألماً أزلت..
    أن تحيا لدنيا الظلام المعتم؛ لا تسمح للمنظار القاتم أن يزايل ناظريك؛ فلن تجني إلا مزيد عذاب، ولا أراك إلا كمتسلق جبل جليد، كلما أنشب يديه فيه؛ تفتت فعاد لما كان فيه...

    أما أنت يا قاطع شعرة الألم، فرثائي لك أن تسير بالدرب ولا لك فيه من تجاربك معين..
    ستظل ماضياً بقوة ما يريك خيالك؛ وستنطلق غافلاً عن ماضٍ عطرته بالدموع أجيال وأجيال؛ حتى إذا ما ظننت أنك قاب قوسين أو أدنى من النصر المرجى؛ هبت رياح الحقيقة المرة فأعادتك للوراء؛ وما أسهل أن تقتلع شجرةً لم تضرب في معتم الأرض جذورها..
    إنك أخا الإسلام لا تنصر إسلامك بالتبشير بصلاح، ما لم تكن قوةً تعمل كأنما لتهيئ من نفسك لنا صلاح..
    أن تكتفي بسرد أحاديث المبشرات، وتلاوة الآيات الواعدات، ثم تنام على أريكة الأحلام، فما والله صنعت لنفسك خيرا، ولا لأمتك في التاريخ عملا..
    تُـخلل حديث أمانيك بالمعجزات، وتكلله بقصص الكرامات، متغافلاً عن واقع الأسى والملمات، وما والله ننكر معجزةً ولا مكرمة، ولكن نريد تفعيلاً لـ "وقل اعملوا"

    بين طوفان الألم وزوارق الأمل
    كوني أمتي على قدرٍ مقدور، لا للإستسلام لضعفٍ ينخر بأجسادنا، ولا للتراخي عند أحلامٍ ترسمها أمانينا..
    سيري أمتي بوسط الدرب؛ أمامك تتجلى شمس النصر القادم بإذن الله، إياك أن تركزي عليها بصرك فتعشيك عن رؤية ما يعيقك، بل القي نظرك لما بين قدميك، حتى إذا تكالبت عليك الهموم؛ وظننت بالله الظنونا؛ عندها ارفعي لشمسنا المؤملة نظرك؛ خذي منها زاداً للصعاب...
    بين الألم والأمل
    قدرنا أن نتلاعب بين ألفيهما؛ ونتزحلق على لاميهما؛ فتارةً تعصرنا ميم أولاهما؛ وتارةً تحضننا ميم أخراهما..
    ومن قسوة الأولى نهب للتغيير ونتوق إليه؛ ومن حنان الثانية نستلهم التفاؤل ونتغنى به..
    وتظل أمة الإسلام بخير؛؛ ما بقي فيها أقوامٌ يمازجون بين حرارة الدواء وحلاوة الشفاء..

    أيها النابعون من رحم الألم إلى فضاء الأمل
    بكم بعد الله علقنا الأماني
    فاللهم استجب
    " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"
  • ابن مرضي
    إداري
    • Dec 2002
    • 6170

    #2
    عزيزي الفنار

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ليست هذه قطعة نثرية ، بل درر ذهبية .

    ماشاء الله تبارك الله الذي حباك هذه القوة في الأسلوب والقدرة على التعبير الموجز البليغ .



    عزيزي :المسار الوسط ياعزيزي هو ما أختاره الله لنا . لا يأس ولا قنوط ، بل أمل وتفآؤل. فلنكن متفآئلين ياعبدالله . حفظك الله ووفقك .
    كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى = وحنينه أبدا لأول منزل

    تعليق

    • فارس الأصيل
      عضو مميز
      • Feb 2002
      • 3319

      #3
      أخي العزيز ..
      حاولت أن أكتب ما يجعلني أطمئن به إلى جانب روعة ما كتبت وعظيم ما حملت ولكني مع الوهم صنوان لم استطع أن أكتب لك لعلمي أني إذا ما أسرفت في القول خربشت جداريتك وأصبتها بالتشويه ولكن عزائي أن أشاركك بهذه الابيات لشاعر النيل وأمير الشعراء أحمد شوقي علها أن تشفع لنا عندكم :
      أنبئت أن سليمان الزمان ومن ... أصبى الطيور فناجته وناجاها
      أعطى بلا بله يوما يؤدبها ... لحرمة عنده للبوم يرعاها
      واشتاق يوما من الأيام رؤيتها ... فأقبلت وهي أعصى الطير أقواها
      أصابها العي حتى لا اقتدار لها ... بأن تبث نبي الله شكواها
      فنال سيدها من دائها غضب ... وود لو أنه بالذبح داواها
      فجاءه الهدهد المعهود معتذرا ... عنها يقول لمولاه ومولاها
      بلابل الله لم تخرس ولا ولدت ... خرسا ولكن بوم الشؤم رباها

      ...
      تحياتي
      واعتذاري
      مالك
      هـذا أنا قـدر تـقـاذفـنــــــــي
      كالبحر عمقاً والفضاء مدى
      مدونتي
      أحمد الهدية

      تعليق

      • ألــم
        عضو نشيط
        • Dec 2004
        • 985

        #4

        عندما تكون موجود أصبح لا شيء أمامك ..


        وحينما ترحل .. تأخذ الأشياء معك .. أطحن الدقائق .. وألتهم الثواني ..


        وتبقى الساعات تدور .. على رحى الزمن .. تنثر دقيق هم وسنابل ألم ..

        ***


        الصمت .. ليس غريب وقع حرفك ..ولكن العجيب .. هو مجاراتك ..



        اخي الموقر .. الفنار



        انا على ثقة .. بأن الحرف يعـتنق فلسفة صاحبه ..



        فتصبح ابجدياته .. نظريات وقوانين تختص به .. ويتأثر بها غيره ..


        وها نحن ندور في فلك نثرك .. وبين سحر أناملك ..



        كم انت بارعاً حين تمسك القلم .. وتعانق الفكر .. يتساقط الحبر



        ذرات درر .. تزين معصم الورق ..



        دمت بارعاً ..




        لك الود منثور ..
        آخر تعديل تم من قبل ألــم; 11-12-2004, 12:08 AM.

        تعليق

        • حديث الزمان
          عضوة مميزة
          • Jan 2002
          • 2927

          #5
          الأستاذ الفاضل الفنار
          الأمل والألم .. !
          استوقفتني كثيراً هذه القطعة بل الدرر النثرية وعجزت عن الرد غير ما كتبته هنا ..
          بحق ... رائع أنت

          لكل بداية .. نهاية

          تعليق

          • الفنار
            عضو مميز
            • Sep 2003
            • 653

            #6
            أستاذنا ابن مرضي

            وعليك سلام الله ورحمته وبركاته
            بمرورك – والله- ازدانت الصفحة؛ وابتهجت
            لا أدري؛؛ أي قدرٍ جعل هذا المنتدى يربط بين قلبينا

            حمدت ربي؛؛ إذ وجدت لقلمي عندكم بعض استحسان؛؛ علنا به نقطع رحلة العمر
            معكم والكرام أمثالكم
            يحلو لقاؤنا؛؛ وتطيب أوقاتنا
            ويكون لليراع معنى

            لك الود حتى نفنى
            " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

            تعليق

            • الفنار
              عضو مميز
              • Sep 2003
              • 653

              #7
              الأديب الحبيب مالك

              كفاك تواضعاً أخا البيان والمحابر
              فإن جهل الجمع مالك – وأنى لهم- فما أنا بجاهلٍ من أبهرني بوفرة نتاجه وجميل بوحه وصدق مشاعره

              مثلك يبقى في القلب ذكره مهما تبدلت السنون
              وتظل أروقة منتدانا تراوح بصداه وإن غاب عن العيون

              مثلك يشار إليه بحقٍ إن قلنا ( أديب)

              لك خالص العرفان
              " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

              تعليق

              • الفنار
                عضو مميز
                • Sep 2003
                • 653

                #8
                القلب الأبيض

                نغمٌ جميلٌ تتلاعب به أحرف ردك
                هنا الجمال يسطر؛ والروعة تحبر؛ والفن يقول كلمته

                هي إطلالةٌ أخرستني أمام عباراتها
                وشدهتني بين أحرفها
                لأردد بنفسٍ مبهور:

                بشراك منتدانا
                فقد طويت أجنحتك على قلمٍ
                وأي قلم!!


                لمرورك؛؛ تقديري ينهمر..
                " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

                تعليق

                • الفنار
                  عضو مميز
                  • Sep 2003
                  • 653

                  #9
                  الأستاذة حديث الزمان

                  إسمك حين يرى تقف الأقلام احتراما

                  أنت من أنت؛؛ والمعروف لا يعرف
                  بقي أن أقول:
                  من مثلك نستقي البيان؛؛ فلا تبخلي..

                  تحيةً ممزوجةً بالإخلاص
                  " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

                  تعليق

                  • متابع
                    عضو
                    • May 2004
                    • 65

                    #10
                    من المستحيل أن يبقى ما كتبت بين جدران المنتدى، بل أن تنثر مقاطع منه على مختلف الصحف والدوريات ليتبين لجميع الكاتب من الكويتب.
                    لك الشكر على الابداع

                    تعليق

                    Previously entered content was automatically saved. Restore or Discard.
                    حفظ تلقائي
                    Insert: Thumbnail صغير وسط كبير Fullsize Remove  
                    or Allowed Filetypes: jpg, jpeg, png, gif, webp

                    ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

                    Working...